يتمثّل الهدف الوحيد للتكنولوجيا في تعزيز التجربة البشرية. وفي هذا الإطار، يُلاحظ أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية آخذ في الازدياد، وهو بصدد ابتكار حلول لمشاكل مختلفة تتعلّق بالمرضى والمستشفيات وقطاع الرعاية الصحية في مُجمله. أصبح الدور الذي يقوم به الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية ضروريًا للغاية، بحيث تعمد شركات التكنولوجيا الرئيسية لضخّ استثمارات هائلة في الشركات الناشئة في قطاعي الرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية.
ماذا لو تمكنا من تقليص وقت انتظار المرضى في المستشفيات، وتخفيف بعض أعباء العمل البسيطة عن الأطباء، فيما نحقق زيادةً في الإيرادات الشهرية للمستشفيات في الوقت ذاته؟ ماذا لو تمكنّا من الحصول على تشخيص أسرع وأكثر دقّةً ونحن في منازلنا؟ في حقيقة الأمر، يمكننا مع قوة الذكاء الاصطناعي توفير الحلول التي تضمن جودة خدمات الرعاية الصحية لكل من يحتاجها.
خذ على سبيل المثال إجراءً بسيطًا مثل تأكيد استشارة لدى الطبيب. يُمكن للطبيب توفير الوقت عندما يتم تعزيز العمل الإداري اليومي المتكرر لموظفي المستشفى باستخدام الذكاء الاصطناعي. يمكن أن يكون المستفيد الرئيسي من الذكاء الاصطناعي هو الأطباء في الصين، حيث يرى الطبيب ما يقرب عن 200 مريض في اليوم، ومما لا شك فيه أن الخواريزميات تستطيع مساعدتهم في تشخيص الأعراض المبكرة للمرض.
علاوةً على ذلك، ليس في احتمال حلول الذكاء الاصطناعي محل الأطباء ما يدعو للقلق، وهو ما يعتقده آلان هالبيرن، الطبيب المتخصّص في الأمراض الجلدية في مستشفى “ميموريال سلوان كيتيرينج”، ورئيس الجمعية الدولية للتصوير الرقمي للبشرة، حيث يؤكد أن التهديد في هذا الصدد هو عكس ذلك تمامًا، ويقول أن الخواريزميات :”يمكن أن تقدم دفعةً قوية للطلب على خدمات طب الجلدية.”
إذا كانت خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرةً على المساعدة في تشخيص الأعراض المُبكّرة لمشكلة صحيّة لدى مريض دون أن يُغادر راحة منزله، فسيمنحه ذلك فرصةً جيّدةً لإعداد نفسه بشكل أفضل قبل استشارة الطبيب. تُقدّر شركة الاستشارات الإدارية العالمية “ماكينزي” الوفورات السنوية المُحتملة من استخدام قوة الذكاء الاصطناعي في خدمات الرعاية الصحية بنسبة 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو بنحو 300 مليار دولار أميركي في الولايات المتحدة و3.3 مليارات جنيه استرليني في المملكة المتحدة.
إذا تم توسيع نطاق ظاهرة استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال خدمات الرعاية الصحية على مستوى العالم، فيمكن التأكيد على أن ذلك سينتُج عنه انخفاض في نسب الأمراض وأعداد المرضى غير المشمولين بفرصة العلاج، وضمان الاستخدام الأفضل للموارد الطبية من الناحية الاقتصادية، وبالتالي الوصول إلى أفراد في حالة صحية أفضل. فكّر في أفضل طبيب تعرفه أو عرفته فيما سبق. ماذا لو تمكنت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من توسيع نطاق تواجد هؤلاء الأطباء وإتاحتهم لتقديم الخدمات الطبية للمرضى ممن لا يتمتعون بتلك الإحاطة الطبية في جميع أنحاء العالم؟ مثل هذه الحالات وغيرها كثير ستجعل العالم يُدرك مدى حجم الاستفادة المُحتملة من قوة بيانات الذكاء الاصطناعي باعتبارها مصدر إفادة حقيقية وملموسة في حياة الأفراد.